الجمال ومفرداته
الجمال نعمة من الله سبحانه يمن به على بعض عباده وثوب يلبسه بعض خلقه وهو من الزيادات التي يشاء الله زيادتها لبعض الناس , قال تعالى " يزيد في الخلق ما يشاء " فاطر ( 1) قال قتادة في تفسير هذه الزيادة : هي الملاحة في العينين والحسن في الأنف والحلاوة في الفم " تفسير القرطبي 14/ 320 ولما كان الجمال محببا إلى النفوس وقد جبلت الطبائع على الاستئناس به رغب الله سبحانه به أصحاب الجنة فقال تعالى " فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان , فبأي آلاء ربكما تكذبان , كأنهن الياقوت والمرجان " الرحمن ( 56- 57- 58 ) إلى غير ذلك من الآيات الكريمات , ونظرا إلى نعمة الجمال واستئناس النفوس به كان جبريل عليه السلام حين ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بصورة دحية الكلبي الصحابي الجليل حيث كان من أجمل العرب كما ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح الباري , وحيث كان الجمال مستأنسا به وغالبا ما يكون صاحبه جميلا في خلقه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نلتمس الخير عنده فقال عليه الصلاة والسلام " التمسوا الخير عند حسان الوجوه " وهذا حديث له طرق كثيرة " عن أنس وجابر وعائشة وابن عباس وابن عمر وأبي بكرة وأبي هريرة " وكلها ضعيفة وبعضها أشد في ذلك من بعض " تمييز الطيب ص 31 إلا أنه صحيح في معناه في الغالب حيث قال حجة الإسلام الغزالي " فإن حسن الخُلُق وحسن الخَلْق لا يفترقان " إحياء علوم الدين 2/ 38 وقال الإمام القرافي " لأن جمال الخَلْق يدل على جمال الأخلاق غالبا " الذخيرة 2/ 254 6
الجمال وتفصيلاته اللغوية
أولا : الجمال : اسم عام وشامل لكل تفصيلات الجمال التي تنطوي تحت عباءته .فإذا قلنا " فلان جميل " فمعنى هذا أنه توفرت فيه كل مفردات الجمال وتفصيلاته , ولذلك لما قالت امرأة خالد بن صفوان لزوجها يوما : ما أجملك , قال : ما تقولين ذاك وما لي عمود الجمال ولا عليّ رداؤه ولا بُرْنُسُه , قالت : وما عمود الجمال وما رداؤه وما برنسه ؟ قال : أما عمود الجمال فطول القوام وفي ّ قصر , وأما رداؤه فالبياض ولست بأبيض , وأما برنسه فسواد الشعر وأنا أصلع , ولكن لو قلت : ما أحلاك وما أملحك لكان أولى " عيون الأخبار 4/23
وقد ذكر ابن منظور في لسان العرب " مادة جمل " أن الجمال مصدر الجميل , والفعل " جَمُل " قال تعالى " ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون " النحل ( 6)قال : أي بهاء وحُسن , وقال نقلا عن ابن سيرين : أن الجمال هو الحُسن يكون في الفعل والخَلْق , وتقول : امرأة جمْلاء وجميلة " وقال نقلا عن ابن الأثير : أن الجمال يقع على الصور والمعاني ومنه الحديث " إن الله جميل يحب الجمال " صحيح مسلم برقم 91أي حسن الأفعال كامل الأوصاف "
ثانيا : الوسامة " وهي أثر الحُسن , قال ابن الأعرابي : الوسيم الثابت الحُسْن كأنه قد وسم , وقد وَسُمَ : فهو وسيم , والمرأة وسيمة , يقال : امرأة ذات ميسم إذا كان عليها أثر الجمال , وفلان وسيم : أي حسن الوجه والسيما . وقوم وسام ونسوة وسام أيضا , مثل ظريفة وظراف وصبيحة وصباح , والوسامة : الحسن الوضيء الثابت " لسان العرب " مادة وسم
ثالثا : المَلاحة " يقال : ملُح يملُح مَلوحة وملاحة : أي حسُن . فهو مليح ومُلاح ومُلاّح , وجمع المليح : مِلاح , والأنثى : مليحة " لسان العرب مادة " ملح " ولها ذكر في أشعار العرب ومنها ما قاله مسيكين الدارمي في قصيدته المشهورة
قل للمليحة في الخمارالأسود
ماذا فعــــلت بناسك متعبــد
أما مُلاّحة : فهي شديدة الملاحة وهو من أبنية المبالغة , وفي حديث جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها " وكانت امرأة حلوة مُلاّحة - بضم الميم وتشديد اللام - لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه " سيرة ابن هشام 3/ 336وقالت العرب : ما أُمَيْلِحَه " ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم " ما أُحَيْسِنَه "
ولقد روى مسلم في صحيحه برقم 2340 في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان أبيض مليح الوجه "
رابعا: الصباحة " وهي وضاءة الوجه , قاله الليث , تقول : رجل صبيح وصُباح , بالضم , والجمع صِباح . والأنثى فيها بالهاء " أي صبيحة وصُباحة " والجمع صِباح أيضا " لسان العرب " صبح "
خامسا : الظرافة " وتسمى بمتعلقاتها وفيها جزء من الجمال , فإن قيل " لسان ظريف " أي بليغ , وإن قيل " وجه ظريف " أي حسن , وإن قيل " قلب ظريف " أي ذكي , وأكثر ما تطلق على اللسان , قال ابن الأعرابي : الظرف في اللسان والحلاوة في العينين والملاحة في الفم . لسان العرب " ظرف "
فهذه بعض مفردات الجمال أحببت أن أتحفكم بها على هذا المنتدى الكريم